جاء رجل إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه
وأرضاه وكان الرجل معه ابنه ليس هناك فرق ما بين الابن وأبيه فتعجب عمر قائلا:
والله ما رأيت مثل هذا اليوم عجبا ما أشبه احد أحدا أنت وابنك إلا كما أشبه الغراب
الغراب والعرب تضرب في أمثالها أن الغراب كثير الشبه بقرينه فقال له يا أمير
المؤمنين: كيف ولو عرفت أن أمه ولدته وهي ميتة فغير عمر من جلسته وبدل من حالته
وكان رضي الله عنه وأرضاه يحب غرائب الأخبار قال: أخبرني قال يا أمير المؤمنين:
كانت زوجتي أم هذا الغلام حاملا به فعزمت على السفر فمنعتني فلما وصلت إلى الباب
ألحت علي ألا أذهب قالت كيف تتركني وأنا حامل فوضعت يدي على بطنها وقلت اللهم إنني
أستودعك غلامي هذا ومضيت وتأمل بقدر الله لم يقل وأستودعك أمه وخرجت فمضيت وقضيت في
سفري ما شاء الله لي أن أمضي وأقضي ثم عدت فلما عدت وإذا بالباب مقفل وإذا بأبناء
عمومتي يحيطون بي ويخبرونني أن زوجتي قد ماتت فقلت إنا لله وإنا إليه راجعون
فأخذوني ليطعموني عشاء أعدوه لي فبينما أنا على العشاء إذا بدخان يخرج من المقابر
فقلت: ما هذا الدخان فقالوا: هذا الدخان يخرج من مقبرة زوجتك كل يوم منذ أن دفناها
فقال الرجل: والله إنني لمن أعلم خلق الله بها كانت صوامة قوامة عفيفة لا تقر منكرا
وتأمر بالمعروف ولا يخزيها الله أبدا فقام وتوجه إلى المقبرة وتبعه أبناء عمومته
قال: فلما وصلت إليها يا أمير المؤمنين أخذت أحفر حتى وصلت إليها فإذا هي ميتة
جالسة
وابنها هذا الذي معي حي عند قدميها وإذا بمناد ينادي يا من استودعت الله
وديعة خذ وديعتك قال العلماء: ولو أنه استودع الله جل وعلا الأم لوجدها كما
استودعها لكن ليمضي قدر الله لم يجر الله على لسانه أن يُوْدِع الأم، اللهم إنا
نستودعك ديننا يا رب العالمين فارزقنا الثبات عليه حتى نلقاك يا ذا الجلال
والإكرام.