الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على نبينا محمد الصادق الأمين, وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين, وبعد:
فإنه لابد لنا أن نفرق بين مقاصد الشريعة حول العبادات والطاعات, ولا نحمل الأحاديث على غير معناها الصحيح,
فهذه مسألة وهذه مسألة أخرى..
فمسألة إنشاء عبادة لمخالفة المشركين في أعيادهم
"كما هو منصوص عليه في رسالة الأخ المرسل"
يعد من البدع المنكرة, ولا يجوز تخصيص أيام أعياد الكفار بأي نوع من أنواع العبادة،
لأنه لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه فعل ذلك،
ففي حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد "
وفي رواية:
"ومن عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد"
رواه مسلم.
ويكفي مخالفةً لهم أننا لا نشاركهم في أعيادهم بأي نوع من المشاركة،
وأننا نبغض أفعالهم المخالفة للشرع, وعقائدهم الضالة.
ثم إنه يُخشى أن يعتاد الناس على هذه العبادة في أعياد الكفار الباطلة، فيعتقد العوام بعد ذلك أنها سُنَّة،
فتكون بذلك قد أحدثت بدعة من حيث لا تشعر، بل قد يكون تخصيص أعيادهم بالعبادة نوعاً من المشاركة لهم في تعظيم أيامهم دون قصد منك،
كما يحدث أيام شم النسيم وغيرها من أعيادهم الباطلة,
ولذلك كره العلماء صيام أيام أعيادهم لقول النبي صلى الله عليه وسلم:
" لا تصوموا يوم السبت إلا في افترض عليكم ",
ثم الأهم من ذلك أنه لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه خصص مناسبة من المناسبات بذكر, أو صلاة, أو قراءة قرآن,
كما يظن البعض في إحياء ليلة عيد الفطر أو ليلة الأضحى أو ليلة الجمعة بذكر أو بصلاة,
استنادًا منهم على حديث أَبِي أُمَامَةَ رضي الله عنه, عن النبي صلى الله عليه وسلم:
" مَنْ قَامَ لَيْلَتَيْ الْعِيدَيْنِ مُحْتَسِبًا لِلَّهِ لَمْ يَمُتْ قَلْبُهُ يَوْمَ تَمُوتُ الْقُلُوبُ ",
وهو حديث ضعيف، لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم.
قال النووي في "الأذكار":
وهو حديث ضعيف رويناه من رواية أبي أمامة مرفوعاً وموقوفاً، وكلاهما ضعيف.
ا.هـ.
فتأمل أخي الحبيب حفظك الله.
حتى هذه الأحاديث التي تحث على العبادة بالنسبة لأهل الإسلام فإنها إما ضعيفة ضعفًا بينا وإما موضوعة مكذوبة على النبي صلى الله عليه وسلم,
فما بالك بمشاركة أهل الكفر في أعيادهم, فتأمل..!!
وهاكم كلام ابن قدامة في المغني حول تخصيص يوم عيد الكفار بصيام أو عبادة:
قال ابن قدامة في المغني:
ويُكره إفراد يوم النيروز :
(وهو من أعياد الرافضة الضالين المضلين)،
ويوم المهرجان بالصوم؛ لأنهما يومان يعظمهما الكفار، فكره كيوم السبت، وعلى قياس هذا كل عيد للكفار، أو يوم يفردونه بالتعظيم. ا.هـ.
وقال الكاساني في بدائع الصنائع:
وكذا - يعني يكره - صوم يوم النيروز والمهرجان، لأنه تشبه بالمجوس. ا.هـ.
وأما مسألة الاعتماد على حديث العبادة في الهرج فلا يجوز أن نحمل الحديث على غير معناه الوارد عن النبي صلى الله عليه وسلم,
فالعبادة في الهرج المنصوص عليها في الحديث.. هي عبادة عامة.. وليست مخصصة بوقت معين معلوم,
كصيام الاثنين والخميس والأيام القمرية ويوم عاشوراء ويوم عرفة وغيرها,
فهذه عبادة معلومة وموقتة بميقات, أي أنها عبادة مخصوصة وردت الأحاديث والنصوص الدالة على فعل النبي صلى الله عليه وسلم لها.
ولذلك أقول للإخوة الأفاضل :
أن يحرصوا على عدم نشر تلك الرسائل التي تساهم في نشر البدعة,
وأن يتحققوا من أي شيء يتعلق بدين الله عز وجل ويتأكدوا منه قبل النشر,
فكما قال سلفنا الصالح:
إن هذا الأمر دين فانظروا عمن تأخذون دينكم.
والله تعالى أعلى وأعلم,
وصلي الله وسلم على معلم الناس الخير نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
هل يجوز لنا الاجتماع ليلة رأس السنة للذِّكر والدعاء وقراءة القرآن ؟
هذه الرسالة رأيتها كثيراً على الإنترنت ، ولكن في الحقيقة لم أرسلها لشكِّي في كونها من البدعة ،
فهل يجوز نشرها ، ونثاب عليها ، أم إنه لا يجوز هذا لأنه بدعة ؟
" إن شاء الله كلنا سنقوم الساعة 12 ليلة رأس السنة ، ونصلي ركعتين ، أو نقرأ قرآناً ، أو نذكر ربنا ، أو ندعو،
لأنه لو نظر ربنا للأرض في الوقت الذي معظم العالم يعصيه : يجد المسلمين لا زالوا على طاعتهم ،
بالله عليك ابعث الرسالة هذه لكل الذين عندك، لأنه كلما كثر عددنا : كلما ربنا سيرضى أكثر " .
أفيدوني ، أفادكم الله .
الحمد لله
قد أحسنتِ غاية الإحسان في عدم نشر تلك الرسالة ، والتي انتشرت في كثير من المواقع الإلكترونية التي يغلب عليها طابع العامية والجهل .
والذين نشروا تلك الرسالة وأرادوا من المسلمين القيام بالصلاة والذِّكر :
لا نشك أن نياتهم طيبة ، وعظيمة ، وخاصة أنهم أرادوا أن تقوم طاعات وقت قيام المعاصي ،
لكن هذه النية الطيبة الصالحة لا تجعل العمل شرعيّاً صحيحاً مقبولاً ،
بل لا بدَّ من كون العمل موافقاً للشرع في سببه ، وجنسه ، وكمِّه ، وكيفه ، وزمانه ، ومكانه ،
الإسلام سؤال وجواب
http://www.islamqa.com/ar/ref/113064